ام روابة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ارتبـــاكــات

اذهب الى الأسفل

ارتبـــاكــات Empty ارتبـــاكــات

مُساهمة  Amir M. Alamir الأحد 29 يونيو 2008, 5:26 am

لا كثر من شهر لم يكن الوالد يستطيع النظر في عيني الابن.
لاكثر من شهر لم يكن الابن يستطيع النظر في عيني الوالد .
لاكثر من شهر كان الوالد حين يدخل البيت يخرج منه الابن.
لاكثر من شهر كان الابن حين يدخل البيت يخرج منه الوالد.
لاكثر من شهر كان الوالد يتحاشي الابن و الابن يتحاشي الوالد.

لاكثر من شهر كان يحدث ما يحدث بين قسم السيد النعيم المهندس الميكانيكي بالمحلج التابع لمؤسسة جبال النوبة الزراعية وبين ابنه عطا الطالب في الصف الثاني في مدرسة كادقلي الثانوية العليا ـ تلو ـ
لاكثرمن شهر كان كل منهما يهرب من الاخر.
لاحظت علوية زوجة قسم السيد ووالدة عطاهذه الهروبية الواضحة وهذا التفادي المعلن الي درجة انها افتقدت نوع م ذلك الاحساس بالسعادة حين كان قسم السيد يحكي لابنه حكايات متفرقات متنوعات عن طفولته وصباه في الصعيد ،كان ذلك يحدث دائما وهما يرتشفان شاي ما بعد الغداء.
لاحظت علوية ولاكثر من شهر ان صينية الغداء قد فشلت تماما في ان تجمع بين الوالد والابن ، وجبة الغداء هي الوجبة الوحيدة التي تجتمع فيها الاسرة وحين تساءلت ذات غداء ابنتها زلفي عن حالة كون عطا غائب دائما عن وجبة الغداء لاحظت علوية ارتباك قسم السيد وذلك حين ارتجفت يده وسقطت منه اللقمة ليتسخ جلبابه الابيض بلزوجة ملاح الورق الاخضر فكان ان هرب من المائدة و عرفت علويةان قسم السيد قد هرب من تساؤل زلفي التي لاحظت ايضا ارتباك والدها فهمست لامها ـ يمه هو في شنو؟ ـ فردت علوية وهي تتابع هروب قسم السيد بحيرة واضحة في عينيها ـ يخربني يا بتي كان عارفا حاجه ـ
المرة الوحيدة التي كان فيها عطا حاضرا وجبة الغداء في البيت ـ هكذا لاحظت علوية ـ حين كان والده مدعو لغداء خاج البيت .
تاكدت علوية تماما من هنالك امر خطير بين ابتها و زوجها و ذلك حين تصادفا امام باب الحوش ، كان قسم السيد خارجا وعطا كان داخلاوبين هذا الخروج وذاك الدخول حدث ذلك التدافع الهروبي بينهما فالتحما متصادمين فتخلي باب الصفيح عن مكانه وسقط علي الارض بدوي ارتجفت له علوية التي كانت وقتهاتغسل الملابس تحت شجرة النيم الكبيرة فلاحظت ان الاب استمر مهرولا الي الخارج والابن استمرمهرولا الي الداخل و لم ينشغل اي منهما بامر الباب المنكفي علي الارض مما جعل علوية تترك مكانها امام طشت الغسيل لانها اصبحت مكشوفة امام الغاشي والماشي علي الشارع.
بينما كان قسم السيد يحاول ان يعيد الباب الي مكانه مر به جاره سليمان الشيخ فساله ـ الرمي الباب شنو يا قسم ؟ ـ فرد عليه قسمالسيد ـ تصور ضربتو صاعقة ياود الشيخ ـ فهز سليمان رأسه متعجبا من تلك الصاعقة التي هي خارج سياق الطقس
لم يترك قسم السيد الحال كماهو عليه بعد الذي كان قد حدث بينه وبين ابنه عطا ، حاول ان يتخلص من هذا التوتر الهروبي كان يحس بان الامر لايستحق كل الذي يحدث ، كان يفكر في مواجهة ابنه و حين مرحلة الفعل يتردد و من ثم يتراجع عن المواجهة.
داهم مرة غرفة ابنه في الصباح و كان صباحا فيه من ملامح الشتاء بداياته ، دخل قسم السيد غرفة عطا مقررا ان يوقظه من النوم ويساوي معه الامر قبل ان تصحو علوية التي ادمنت ارهاقه بملاحظاتهاالمتسائلة و قد كلفه هذا القرار الكثيف من الارق ، وقف قسم السيد بقرب سريرعطا و لكنه تراجع فجأة عن ما كان ينوي فعله وخرج من الغرفة و لكنه حين عاد الي الغرفة محرضا قراره بسجارة الصباح وجدعطا قد هرب و حين كان خارجا للعمل صادفه عطا و هو راجع الي البيت و لكن ما ان لمحه سرعان ما تواري عطاعن انظاره بحركة مفاجئة.
في ذلك الصباح حين داهم والده الغرفة كان عطا قد احس بدخوله و حين كان قسم السيد يقف بالقربمن سريره بذلك التردد كان عطا قد تصبب منه غزير العرق ،كان يعرف تماما انه لا يستطيع مواجهة والده بعد ذلك الذي حدث فكان ان هب عطا من سريره و فرهاربا الي الخارج.
حكي قسم السيد لصديقه و زميله في العمل جبرئيل التوم ماحدث بينه وبين ابنه و كيف انه حاول التخلص من تلك الحالة الهروبية ، اوصاه صديقه بان يكتب مذكرة ويدسها تحت مخدة ابنه ربما حين يقرأ ابنه تلك المذكرة تكون بمثابة خطوة اولي للمواجهة و لم ينس جبرئيل التوم ان يعلق علي الحدث قائلا ـ بعدين يا قسم بصراحة كده، انت دنيء ـ .
حاول عطا ان يؤسس لذلك الهروب فقابل مدير المدرسة كي يتم قبوله للسكن بالداخلية الا ان مدير المدرسة رفض طلبه متعللا بان اسرته تقيم في المدينة ولكن اصبح عطا ضفا مؤقتا علي منزل صديقه كودي بحي الرديف ، اصبح يقضي الليل هناك خوفا من ان يكرر والده مداهمته الصباحية ويأتي الي البيت في اوقات يتاكد فيها تماما ان والده خارج البيت.
كانت تلك المذكرة التي كتبها قسم السيد لابنه قد اتعبته كثيرا , كتبها عدة مرات لانه كان مرتبكا و لايدري بجدوي ما يكتب فكان ان كتب و مزق كثيرا حتي استقر
اخيرا علي صياغة اعتبرها مناسبة وفي غياب عطا وضع قسم السيد المذكرة تحت المخدة وحرص ان يظهرجانب منها حتي يراها عطا ولكنه اكتشف في اليوم التالي ان المذكرة كانت في مكانها لان عطا قد تمادي في هروبه الي درجة عدم المبيت في البيت و حمد الله ان المذكرة لم تقع علوية او زلفي ، وفي الصباح مر علي جاره سليمان الشيخ ليعطي ابنه الشيخ الذي يزامل في المدرسة الثانوية تلك المذكرة ليوصلها لابنه بعد ان سجنها داخل مظروف ابيض.
سافرت علوية الي قرية ـ البرداب ـ شمال كادقلي لمقابلة فكي موسي كي يخلص بيتها من ذلك الارتباك في التفاصيل وتلك الجفوة بين الزوج والابن الذي خافت ان تفقده وهو متمادي في هروبه اولا من والده واخيرا من البيت ، لجأت علوية الي ذلك الحل بعد ان فشلت تماما في حل ذلك الاشكال وبل في معرفة السبب وراء الذي يحدث ، اعطاها فكي موسي بخرات و محاية وحجاب اوصاها بان يعلق علي مكان في وسط البيت و في اتجاه القبلة .
قبل اكثرمن شهرين ونصف و في ليلة ساهرة بحي السوق ، حفل زواج ، وحين كان يغني المغني وثيردباك فريق الهلال الفنان ـ آدم علي انقاطو ـ في اغنية
امانة عليك يا تايه الخصل
كانت نوال تشعل دواخل عطا بنظراتها الملغزة ، كان عطا علي جانب الحائط من حيث كانت نوال تجلس علي كرسي ملتصق بذلك الحائط وحينترجع برأسها الي الوراء ـ رأسها المتفي بذنب حصان ـ و تدير وجهها ناحية اليمين وترسل نظراتها وابتساماتها نحو عطا وهكذاحتي لمح عطا اشارة خفية من نوال بعدان وقفت وهمت بالتحرك بين الكراسي و اكدت نوال اشارتها لعطا ودخلت بباب يؤدي الي اقرب بيت من حيث مكان جلوس البنات في الحفل

تردد عطا في ان يلحق بنوال ولكنه هزم تردده ودخل وراءها ليجدها تقف امام راكوبة امام مطبخ البيت واشتبكت بينهما التفاصيل وعرف انها من بنات ـ ابو كرشوله ـ وانها طالبة تقيم بالداخلية في مدرسة كادقلي الثانوية للبنات الواقعة بين حي الرديف وحي الموظفين حيث يسكن عطاوانها جاءت الي هذا الحفل بدعوة من صديقتها التي تسكن حي السوق واشتبكت بينهما حمي التفاصيل وافترقاعلي موعد هو يوم الخميس اليوم المتاح لخروج طالبات الداخلية وبعد تكررت وتراكمت بينهما اللقاءات وتنوعت بينهما خطابات و مذكرات والكتب المتبادلة ,
قبل اكثرمن شهر و في مساء يقترب كثيرامن تفاصيل الليل تعطر عطا بعطر واضح الرجولة و خرج ليلتقي بنوال بالقرب من دروة ضرب نار خلف مصلحة الاشغال ، هكذا كانت لقاءتهما مختلفة الاماكن حسب خروج نوال من الداخلية مع صديقة كل خميس و هذه المة لانهاخرجت مع صديقة لها تسكن حي الموظفين فكان الاتفاق علي اللقاء في هذا المكان ـ دروة ضرب نار حيث يتدرب الجيش علي النيشان ـ وكان علي نوال ان تنتظره خلف مصلحة الاشغال .
حين اقترب عطا من حيث يجب ان تنتظره نوال في ذلك الشارع المظلم خلف مصلحة الاشغال ، لاحظ عطا ان نوال ليست وحدها ، كان هنالك شخص يتحدث معها ، احس عطا بان هنالك مشكة ، وهو يقترب سمع نوال تقول بحدة لذلك الشخص
ـ لو سمحت انا ما بعرفك
ـ طيب مالو ما ممكن نتعارف هسه
رد ذلك الشخص بينما عطا قرر ان يقترب اكثر ويحسم الامر وحين اقترب اكثر قالت نوال لذلك الشخص
ـ لو سمحت ما عايزين مشاكل اهو اخوي جاء
وداهم عطا ذلك الشخص ليجد ان ذلك الشخص الملحاح ما هو الا قسم السيد النعيم ، والده الذي كان في طريقه الي استراحة الزراعة القريبة من موقع المشكلة حيث يجب ان ينضم الي شلة انسه لقعدة الخميس المعتادة .
نظر قسم السيد الي نوال ونظر الي ابنه عطا قائلا باستنكار الواثق
ـ ده اخوك ؛؛؛؟
وخرج عطا مضطرا من هامد ارتباكه و بتحدي اجاب علي سؤال والده الواثق جدا
ـ ايوه اخوها عندك شك ؟؟
نظر قسم السيد الي نوال ونظر الي ابنه عطا وقذف بجملة تعلن عن هزيمة معلنة
ـ لا ابدا ما عندي شك ، ماعندي شك مطلقا
و ترك قسم السيد ابنه عطامع نوال واتجه نحو استراحة الزراعة .
و هكذا لاكثر من شهركان الاب يتفادي الابن و كان الابن يتفادي الاب .
في الظهيرة التي كانت فيها علوية تبخر البيت بعد ان علقت الحجاب علي سقف الراكوبة في ناحية اختارها لانها في اتجاه القبلة ، في تلك الظهيرة سلم الشيخ سليمان الشيخ عطا المظروف الذي بداخله المذكرة التي كتبها قم السيد الي ابنه.
فض عطا المظروف ليجد ورقة صغيرة مكتوب عليها الاتي
ـ ابني عطا
انا فخور لانك حسمتني
وبعدين انت عزال
و بدون حرج ارجع البيت ياود يا فتك
والدك قسم السيد ـ
و فجر عطا ضحكة صاخبة و ممتدة .

flower
التحية أستاذ : يحي فضل الله .
و القصة مهداه إليها ،
تلك التي قيل فيها ما لم نسمعـــــه .......

flower
Amir M. Alamir
Amir M. Alamir

المساهمات : 92
تاريخ التسجيل : 07/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى